مُناظرة: بين الــقـلـبِ وصـاحـبِـهِ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وقف المرء مع قلبه، يتأمل حركاته، ويتفكر في أحواله ،
فأخذ يشكو إليه ويلومه سبب قساواته وجفاءه، وبعده ونفوره،
فرَّد القلب عليه بسهامٍ أعيت صاحبه عن الحديث، معترفاً بتقصيره الكبير اتجاه قلبه.
إليكم المناظرة.

صاحب القلب: يا أيها القلب! يا ذا الجفاء والقسوة، ماذا حلَّ بك؟،
نكّدت عليَّ حياتي، فلم أعد أحس بشيء حولي، كم من مواعظ
استمعتُ إليها وما لِنّت، وكم من آيات الله تنزل عليك وما فِقت،
ضيَّقت صدري، وسوَّدت حياتي، وساءت أخلاقي، تشتت حياتي.
هل حلَّ بك الصمم؟، أم أصبت بالعمى؟
لم تعد ذلك القلب المشفق الخائف من ربك، ولاذلك الباكي من خشيته.
أين رجاؤُك؟ أين خوفُك؟ أين توكلُك؟ أين خشوعُك؟ أين شوقُك للجنان؟
وأين خوفُك من النيران؟يكفيك هذه الآلآم التي أوقعتها بي،
دعني أحس بحياة وطعمها اللذيذ.

القلب: يا صاحب ، أنت جاهلٌ حتى النخاع بقدري، وغافلٌ نائمٌ عن منزلتي،
وإلا ما تجرأت بقول ما قلته، أما تعلم بأني العالم بالرب، والمتقرب إليه،
والعارف به، فأنا منظر الرب، وأنا سيد الجوراح كلها، فهي تحت سيطرتي وأمري.
وإذا صَلحتُ صَلحت
وإذا فسدتُ فَسَدَت.
فأنت السبب في فسادي، وأنت السبب في صلاحي.
دعني أخبرك بأني بحاجة مآسة إلى معرفة ربي والإيمان به،
فهما طعامي وشرابي، - فرحماك ربي -.
تَعَهَّدِ القرآن كل صبيحةً وعشيةً سترى بعدها إقبالي، وإشراقي وأنواري،
ففي القرآن شفائي ونوري وغذائي وشرابي، وسعادتي وبهجتي.
إن لم تفعل، فلاترجو مني شيئاً
فأنا ميتٌ بدون الذكر، حيُّ به
فهو كماء الذي إذا نزل بالأرض الميَّتة أحياها
فتنبت الشجرة الإيمان فيِّ، فتؤتي أُكلها كل حينٍ بإذن ربها.
ما أفسدك يا صاحبي !
أفسدتني بكثرة الإختلاط والتمني، والتعلق بغير الله، وكثرة الشبع والنوم.
لعلَّك أدركت الآن بأنك السبب في موتي وضعفي وظلامي وقساوتي وبعدي وجفائي.
والسلام


كيف نصلح القلوب السقيمة، ونحيي القلوب الميتة؟